الاثنين، ١٥ أكتوبر ٢٠٠٧

العيد فرحة

كل عام وانتم يامن تقراه الرسالة بخير


صرحتا كنت نوي أن اكتب عن الشعور الغريب لدي الإنسان في العيد عندما قراءة هذا المقالة فضالة نقله لكم وان كان هذا مختلف عن طبيعة المدونات، والآن مع المقالة الغريب



قبل ساعات من صلاة عيد الفطر المبارك، أخذ يطوف بنشاط ميدان التحرير، أكبر ميادين العاصمة المصرية، وعيناه تتلفت يمنة ويسارا بحثا عن هدف ما..


بدا أنيق المظهر وفي منتصف العقد الخامس من العمر كما توحي بذلك شعيرات بيضاء توغلت في رأسه.


في خجل وقف الرجل عند محطة لحافلات النقل العام، بجوار سيدة بسيطة يبدو على ملامح وجهها الإرهاق من مكابدة صعوبة الحياة لأمثالها..


كانت في انتظار الأتوبيس المتجه إلى حي السيدة زينب المعروف في قلب القاهرة، وشرعت كلما وصلت حافلة للمحطة تسأل صبية وقفوا بجوارها إن كانت متجهة إلى مبتغاها..


فجأة اقترب منها الرجل ومد يده الممسكة بورقة بنكنوت من فئة المائة جنيه ليضعها في يديها وقد أطبق عليها حتى لا يراها أحد..


رمقته السيدة بنظرة عميقة مملوءة بالشكر والعرفان، وارتسمت على وجهها ابتسامة من فيض ما شعرت به من سعادة كأن الرجل ألقى لها بطوق نجاة، في حين كانت تغرق في هموم غلاء أسعار السلع التي تؤرق فئات عريضة من المصريين..


بعد أن ابتعد الرجل عنها قليلا تحولت نظرات الامتنان إلى نظرات استفسار وتساؤل حول تصرفه.. فقد بدت السيدة من النوع الأبي الذي لا يتسول أو يطرق الأبواب طلبا للمساعدة..


في المحطة نفسها انتقل الرجل رويدا رويدا إلى خمسيني آخر بسيط المظهر وحوله ثلاثة أطفال وزوجة كانوا يحملون جميعا أكياسا صغيرة هي "لبس العيد"..


منح "رجل الميدان" مبلغ كسابقه (مائة جنيه) إلى رب الأسرة، ثم أعطى لكل طفل من أطفاله مبلغا مماثلا حتى أصيب رب الأسرة بدهشة واضحة قبل أن يتمتم بكلمات كانت أقرب لحمد المولى عز وجل، فيما بدأت البشاشة تكسو وجهه، فأخذ يحتضن صغاره في سعادة غامرة..


لم يترك الرجل كالعادة فرصة لأحد كي يشكره؛ إذ ترك المحطة سريعا متوجها إلى مبنى جامعة الدول العربية الواقع في ميدان التحرير أيضا..


وأمام المبنى قام بالعمل نفسه مع ثلاثة من حراس المبنى بعد أن صافحهم بحرارة.. هذه المرة لم يتركه أحد الحراس بل عانقه بحرارة، وأخذ يدعو له بصوت مرتفع.. كان رد فعله الوحيد ابتسامة شكر، ولم ينطق بكلمة.


عبر الرجل الميدان إلى الجانب المقابل، حيث استقر بائع صحف وحوله أكوام من الجرائد والمجلات لا تجد من يشتريها..


اقترب منه، توقع البائع أنه يبحث عن صحيفة بعينها، لكنه مد يده إليه بورقة من الفئة ذاتها.. باستغراب دار حديث قصير بينهما انتهى بتبادل الابتسامات والسلامات.


واصل الرجل السير على الأقدام يتجول في الميدان الواسع وبين البنايات، بحثا عن أفراد يستحقون هديته التي حددها بمبلغ المائة جنيه.. فلمح أطفالا صغارا يبدو من مظهرهم المتواضع أنهم أبناء حراس بنايات المنطقة.. بصوت خفيض نادى عليهم، ومنح كلا منهم هديته.


بفضول تتبعت خطاه من بداية جولته في الميدان، فوجدت السعادة تغطي وجهه عندما يعثر على البسطاء كأنه كان يبحث عنهم، فبقدر السعادة التي ترتسم على وجه من يمنحه "العيدية" بقدر ما لاحظت مقدار سعادته هو أيضا بعثوره على هؤلاء البسطاء.


حاولت من جانبي الحديث معه، لكنه رفض تماما، وعندما استأذنته في التقاط بعض الصور رفض بأدب، وبحزم وعلق بكلمات قليلة: "ألم يشرع الله العيد لنا لكي نرسم السعادة على وجوه الآخرين. فكرت في طريقة لكي أرسم هذه السعادة بشكل مباشر وليس عبر التبرع مثلا، فلم أجد أفضل من هذه الفكرة لأرسم السعادة على وجوه من حقها أن تفرح في هذا اليوم".


بشكل عفوي رددت عليه: "أنت رجل الميدان"!!، ثم ودعته يلتفت مجددا يمنة ويسارا، بحثا عن هدف جديد.


المصدر هنا


--معايد بس مش فرحان--

ليست هناك تعليقات: